Menu

تقريركابوس الديموغرافيا.. واستغلال الأزمات لاستجلاب اليهود إلى أرضنا 

أحمد نعيم بدير

فلسطين المحتلة _ خاص بوابة الهدف

لا يترك كيان الاحتلال الصهيوني منذ تأسيسه قبل 74 عامًا أزمةً أو مصيبةً في العالم إلّا ويستغلّها، فاتحًا شهيته لاستجلاب اليهود إلى الأراضي الفلسطينيّة ليستوطنوا فيها على حساب الفلسطينيين أصحاب الأرض، إذ أصبحت الأزمة في أوكرانيا حاليًا مناسبةً لتنفيذ مشاريع استيطانية جديدة على أراضي النقب المحتل، ليُسكّن فيها "يهود أوكرانيا".

في الآونة الأخيرة، أعلن قسم الاستيطان في المنظمة الصهيونية العالمية، عن بدء تحركٍ لإنشاء 1000 وحدة سكنية استيطانية جديدة لاستيعاب اليهود من أوكرانيا، حيث كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية نقلاً عن رئيس قسم الاستيطان في المنظمة يشاي ميرلنغ، قوله: "تم وضع خطة مفصّلة لإنشاء منازل مؤقّتة للعائلات اليهوديّة في أوكرانيا والتي تخطط للهجرة إلى "إسرائيل"، قبل أسابيع من بدء العملية العسكرية الروسيّة في أوكرانيا.

وتتضمّن الخطة مباني سكنيّة بمساحاتٍ مختلفة وسيتم استخدامها كمجمعاتٍ لاستيعاب اليهود الجدد قرب الحدود الشمالية في النقب الفلسطيني المحتل، ووادي عربة، ووادي الينابيع بالقرب من بيسان، وفي وادي الأردن.

وبحسب تقرير لما تُسمى "سلطة السكان والهجرة الإسرائيلي"، فإنّ الاحتلال سمح منذ 24 فبراير/ شباط الماضي بدخول مجموعات من الأوكرانيين إلى الكيان يقدر عددها بالمئات، وفي الأسبوع الأوّل من الأزمة في أوكرانيا، تم استقدام نحو 3 آلاف من يهود أوكرانيا، واستيعابهم في مراكز استيعاب خاصة في الجليل ومنطقة بئر السبع وفنادق في "تل أبيب"، على أن يتم توطينهم في مستوطنات بالضفة والمستوطنات الزراعية ومناطق في النقب.

الاحتلال يستغل مصائِب شعوب الأرض

يقول الصحفي والباحث في الشأن الصهيوني سليمان أبو رشيد لـ"بوابة الهدف الإخباريّة"، إنّه من الواضح أنّ الصهيونيّة و"إسرائيل" من بعدها كانت تستفيد دائمًا من أزمات وكوارث ومصائب الشعوب الأخرى لاستجلاب اليهود وتوطينهم في أرض فلسطين، وفي الأزمة الأوكرانيّة نراهم على شاشات التلفاز وخاصّة أذرع الوكالة اليهوديّة ووزراء الاستيعاب منتشرين في أوكرانيا، ونرى رئيس الوزراء نفتالي بينيت يستقبل الأطفال اليهود على أبواب سلالم الطائرات، بينما اللاجئين الأوكرانيين يُفرض عليهم ضمانات ماليّة بمبلغ عشرة آلاف شيكل على كل فرد أوكراني.

وبيّن أبو رشيد أنّ الاحتلال تاريخيًا استغل كل الأزمات والمصائِب والكوارث التي ألمت بشعوب الأرض من أجل جلب اليهود إلى فلسطين، ولكنّهم يبالغون في أعداد اليهود الموجودين في أوكرانيا وروسيا، إذ قالت وزيرة الداخلية "الإسرائيليّة" أيليت شاكيد إنّ هناك 200 ألف يهودي في أوكرانيا و600 ألف في روسيا، بينما الحقيقة التي كشفها البروفيسور "الإسرائيلي" سيرجيو برغولا تقول إنّه يوجد 40 ألف في أوكرانيا و150 ألف يهودي فقط، أي يتحدّثون عن أعدادٍ أكبر مما هي عليه في الواقع.

كابوس الديموغرافيا
 
كما شدّد أبو رشيد أنّ يهود أوكرانيا وروسيا بعد الهجرة الكبيرة من دول الاتحاد السوفييتي اختاروا أن يظلوا في هذه البلدان، والآن إذا أرادوا أن يهاجروا بفعل الأزمة الحاليّة فهم يريدون ملجأ مؤقّتًا ريثما تهدأ الأوضاع في تلك البلدان ليعودوا إليها، مُؤكدًا أنّ "إسرائيل" تُعاني من هاجس الديموغرافيا الذي يشغلها على الدوام.

يُتابع: "إسرائيل دائمًا في سباق مع الزمن، خاصّة وأنّ نسبة الفلسطينيين بين البحر والنهر اليوم تُعادل نسبة اليهود، وفي حال فشل حل الدولتين وإقامة دولة واحدة فهذه المعطيات محرجة للاحتلال، وللتخلّص من هذه المعضلة عمِلوا على عزل قطاع غزّة الذي يحتوي على أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني وأقاموا جدارًا عازلاً وكانتونات وبنتستونات للفلسطينيين ولا يهمهم إقامة نظام "أبارتهايد" طالما أنّهم لا يريدون حل الدولتين، وفي نفس الوقت يخافون من تشكّل أغلبيّةٍ فلسطينيّة ما بين البحر والنهر".

كما شدّد أبو رشيد على أنّ الحالة الفلسطينيّة متراجِعة ومنقسِمة وممزّقة وفي حالة انشغالٍ دائم، وهذا في وقتٍ تستغلُ فيه "إسرائيل" قوّتها وتسرح حول العالم وتجد لها دورًا حتى في الأزمة الأوكرانيّة وتأخد أدوارًا أكبر من حجمها من ناحية التوسّط بين الدول، بل تستفيد من هذه الأزمة على كل المستويات سواء السياسيّة من ناحية تمتين العلاقات مع الدول الكبرى، أو العسكريّة من خلال تصدير الأسلحة، ومحليًا في استجلاب يهود أوكرانيا إلى الأراضي المحتلة، وفي المقابل نرى غيابًا كاملاً لأي دورٍ عربيٍ أو فلسطيني للتوسّط بين أطراف هذه الأزمة".

قادة الاحتلال ومنذ قبيل بدء الأزمة الأوكرانيّة وهم يخطّطون لاستجلاب أعدادٍ جديدةٍ وكبيرةٍ من اليهود إلى الأراضي المحتلة وبناء مشاريع لزرعهم في قلب الأراضي الفلسطينيّة بالنقب الفلسطيني المُحتل.

مُخطّطات متواصِلة منذ إنشاء الكيان 

عزيز الطوري (ابن شيخ العراقيب) بالنقب المحتل أخبرَ "بوابة الهدف" أنّ أهالي النقب يتعرّضون على الدوام لهجمةٍ صهيونيّةٍ شرسة أساسِها تجريد الفلسطيني من أراضيه بشتى الوسائل والطرق، هذا ليس جديدًا أو طارئًا على المشهد بسبب أزمةٍ هنا أو هناك، داخليّة أو خارجيّة، بل هذه الهجمة والمُخطّطات متواصِلة منذ إنشَاء الكيان الصهيوني وحتى يومنا هذا. 

وتعقيبًا على ما يُنشر في الإعلام العبري بشأن المشاريع الاستيطانيّة الجديدة لتوفير مساكن جديدة لليهود الأوكرانْ، شدّد الطوري على أنّ الأزمة في أوكرانيا حاليًا ذريعة وفرصة في آنٍ واحد بالنسبة للكيان من أجل سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينيّة واستجلاب يهود إليها، ولكنّ الأهم هو تدعيم صمود الأهالي في النقب وتوفير لهم كل ما يلزم لكي يثبتوا في أرضهم، وبالتوازي فضح وتدويل هذه الجرائم المتركبة بحقنا على مستوى العالم. 

صندوق قومي لدعم عرب النقب

وفي ختام حديثه، دعا الطوري كافة الجهات الفلسطينيّة المعنيّة إلى إنشاء صندوقٍ قوميٍ لدعم كل عرب النقب الذين تتعرّض منازلهم للهدم كي يستمرّوا في نضالهم، خاصّة وأنّ حكومة الاحتلال تفتخر بأنّ 95% من عمليات هدم المنازل في النقب تتم على يد أصحابها، مُبينًا أنّ الأهالي يفعلون ذلك خوفًا من الغرامات والتكاليف المالية الباهظة التي قد تفرض عليهم في حال رفضوا الهدم الذاتي، خاتمًا حديثه بالقول: "لو الأهالي ليهم ظهر يحميهم ما في حد بيهدم بيته..".